رواة الأحاديث كثيرون، منهم من روى الكثير ومنهم من روى القليل، منهم من وصل لنا عنه حديث واكثر بالتواتر ومنهم من لم يصل لنا عنه أي حديث حتى وان كان روى عن الرسول، لانقطاع السند او قلة المحدث لهم، فانتشر الحديث على لسان غيره أكثر منه.
و سبب آخر أن بعض الرواة غير معروفين، أو لم يؤخذ عنهم روايتهم أنه ممكنأن ينتقص منهم شرط من شروط صحة الرواية للحديث،
و إجمال شروط الحديث الصحيح :
عدالة جميع رواته.
تمام ضبط رواته لما يروون.
اتصال السند من أوله إلى منتهاه، بحيث يكون كل راوٍ قد سمع الحديث ممن فوقه.
سلامة الحديث من الشذوذ في سنده ومتنه، ومعنى الشذوذ: أن يخالف الراوي من هو أرجح منه.
سلامة الحديث من العلة في سنده ومتنه، والعلة: سبب خفي يقدح في صحة الحديث، يطّلع عليه الأئمة المتقنون.
وتحديد هذه الشروط جاء نتيجة استقراء الأئمة المتأخرين كلام أهل الحديث وعباراتهم مع تطبيقاتهم، ولذلك تجد في كلام المتقدمين ما
يدل على هذه الشروط.
فهيا بنا نتعرف على نبذات مختصرة عن كل راوي من أبرز رواة الحديث، على سبيل الذكر لا الحصر.
صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، شهد الخندق وما بعدها، ولم يشهد بدرا ولا أحدا لصغره، أفتى الناس ستين سنة، كُفّ بصره فيآخر حياته،كان آخر من تُوُفِّي بمكة من الصحابة عام 73هـ.
أبو حفص الفاروق، أمير المؤمنين، كان إسلامه قبل الهجرة بخمس سنين، ولازم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، بايعه المسلمون خليفة بعد أبي بكر، ففتح الله في عهده الفتوح، ونشر الإسلام، وضع التاريخ الهجري، ودَوّن الدواوين، قتله أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الصبح عام 23هـ.
عبد الرحمن بن صخر الدوسي، راوية الإسلام، لزم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فروى عنه أكثر من خمسة آلاف حديث، ولَّاه أمير المؤمنين عمر على البحرين، ثم عزله، وولي المدينة سنوات في خلافة بني أمية، تُوُفِّيَ عام 57هـو يقال 59هـ.
من أكابر الصحابة فضلا وعقلا، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين، شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أقرب الناس إليه هديا وسمتا، أخذ من فيه سبعين سورة لا ينازعه فيها أحد، بعثه عمر - رضي الله عنه – إلى أهل الكوفة ليعلمهم أمور دينهم، تُوُفِّيَ عام 32هـ.
حبر الأمة وترجمان القرآن، أسلم صغيرا، ولازم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، كان الخلفاء يجلُّونه، وكُفّ بصره في آخر عمره، كان يجلس للعلم، فيجعل يوما للفقه، ويوما للتأويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لوقائع العرب، تُوُفِّيَ بالطائف عام 68هـ.
رابع الخلفاء الراشدين بإجماع الأمة، زوَّجه النبي – صلى الله عليه وسلم – ابنته فاطمة، ولي الخلافة بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان، فلم يستقم له الأمر حتى قُتِلَ بالكوفة، وغلا فيه الشيعة حتى قدموه على الخلفاء الثلاثة، وبعضهم غلا فيه حتى رفعه إلى مقام الألوهية، تَوَفَّاهُ الله عام 30هـ.
رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته في الدنيا، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، كان حليما ورعا فاضلا، ولي الخلافة بعد أبيه عدة أشهر، ثم تنازل لمعاوية –رضي الله عنه- ، وصان الله تعالى بذلك جماعة المسلمين، توفي عام 50هـ.
أم المؤمنين، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب نسائه إليه، وأفقه نساء المسلمين، كانت عالمة بالشرع، ولها علم كبير بالأدب والشعر، وكان أكابر الصحابة يراجعونهت في أمور الدين، وكان مسروق إذا روى عنها يقول: حدثتني الصدّيقة بنت الصدّيق، خرجت يوم الجمل لـ(علي) - رضي الله عنه- ، ثم رجعت عن ذلك، وردها عليّ –رضي الله عنه- إلى بيتها معزَّزة مكرمة، تُوُفِّيَت عام 58هـ.
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، نزل الكوفة والبصرة، وله عدة أحاديث، روى عن حذيفة، وروى عنه الأسود بن قيس وأنس بن سيرين والحسن البصري وصفوان بن محرز وغيرهم، تُوُفِّيَ عام 70هـ.
خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خدمه إلى أن قُبِض، ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة، فمان بها، وهو آخر من مات من الصحابة - رضي الله عنهم- بالبصرة عام 93هـ.
من أعيان أهل الصفة، سَكَن حِمص، وهو أحد البكائين الذين نزل فيهم القرآن، مات في فتنة الزبير، وقيل: مات بعد ذلك، سنة خمس وسبعين.
غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، وهو أحد المكثرين من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت له في أواخر أيامه حلقة بالمسجد النبوي يؤخذ عنه فيها العلم، كُفَّ بصره قبل موته بالمدينة رضي الله عنه.
من صغار الصحابة وخيارهم، كان من المكثرين للرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيها مجتهدا مفتيا، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم الخندق وما بعدها.
عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه- :أسلم قبل أبيه، كان مجتهدا في العبادة، غزير العلم، وكان من أكثر الصحابة- رضي الله عنهم- حديثا، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة ما كان يسمعه منه فأَذِنَ له، فكتب، و كان يُسمي صحيفته تلك(الصادقة).
رضي الله عنه- : أحد كُتَّاب الوحي، مؤسس الدولة الأموية في الشام وأول خلفائها، أسلم قبل فتح مكة، ولما استُخلف أبو بكر الصدّيق –رضي الله عنه- ولاه قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان، توفي في دمشق عن 78 سنة.
من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن حاتم الطائي الذي كان يُضرب به المثل في الجود والكرم، كان نصرانيا ثم أسلم، شهد وقعة الجمل وفيها ذهبت إحدى عينيه، وشهد وقعة صفين فذهبت فيها الأخرى، تُوُفِّيَ عام 66هـ.
رابع من دخل في الإسلام وقيل: الخامس، قدم أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فأسلم ثم رجع إلى قومه فكان يسخر بآلهتهم، توفي أبو ذر في الربذة سنة 32هـ وصلى عليه عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- في النفر الذين شهدوا موته.
قدم في السفينة مع الأشعريين على النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم، وصحبه، وغزا معه وروى عنه، توفي في خلافة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- سنة 18هـ.
عاش سهل وطال عمره، حتى أدرك الحجاج بن يوسف، وامتحن معه، قال رضي الله عنه: شهدت المتلاعنين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن خمس عشرة سنة، روى عدة أحاديث، توفي عام 88هـ.
و هناك الكثير والكثير من الرواة بالطبع غير هؤلاء، ولكن هؤلاؤ الزمرة هم الذين تسنى لنا الوقت التحدث عنهم حتى الآن، وهم الأكثر رواية عن النبي، فلا يقلل هذا من قدر من سواهم ولا يرفع شأنهم عن غيرهم، ولكنهم كانوا جديرين بالذكر والمعرفة، حتى عندما نسمع أن أحدهم روى حديثا عن الرسول ونقوم بحفظ الحديث، فيكون عندنا فكرة عن اسم راوي الحديث أيضا.
اللهم فقهنا في الدين وقربنا إليك، وتقبل منا أعمالنا خالصة لوجهك. آمين