التدخين هو آفة العصر ويعتبر من نواحي عديدة أخطر من عديد من الأمراض التي تصيب الانسان و هي في ذاته من المسببات الكبرى لأمراض القلب و الرئتين و العديد من أنواع السرطانات. يتعرض التدخين بطريقة تقليدية للهجوم في أي وسيلة من وسائل الاعلام ويعتبر ضارا للصحة من جهة عامة بدون أي استثناءات كما منعت العديد من الدول الاعلانات على شاشات التلفاز لكل متعلقات التدخين ونادرا أن تجد الآن اعلانا تلفزيونيا مسجلا للسجائر بالاضافة للتحذيرات الكتابة الموجودة على علب السجائر وبعض الصور القبيحة لأمراض تسبب فيها التدخين.
المدهش في الأمر أن الحقيقة قد تخالف العرف العام في كثير من الأحيان فعلى الرغم من أضرار التدخين المثبتة علميا و جهود شركات السجائر لتخفيف الوطأة الاعلامية عليها ومحاولات اثبات أن التدخين ربما لا يكون بذلك الضرر ولكن الحقيقة هي أن التدخين قد يكون مفيدا في بعض الحالات الطبية !. لا يعتبر هذا المقال دعوة لممارسة التدخين ولكنه مجرد استعراض لبعض الحقائق الطبية المدهشة والتي قد تخالف العرف السائد بأن التدخين ضار في كل الأحوال واليكم هذه الحقائق:
على الرغم من دور التدخين في زيادة معدلات الاصابة بقرح المعدة و العديد من أنواع السرطانات في الجهاز الهضمي مثل سرطان المريء و المعدة ولكن التدخين يقلل الاصابة بمرض التقرحات القولونية. مرض التقرحات القولونية هو مرض يصيب أي جزء في المسار الهضمي ولكنه ينشط في منطقة القولون و الأمعاء الغليظة بوجه عام ويعتبر مشابها لمرض كرون الذي يسبب التهابات عديدة في المسار الهضمي كذلك ولكن يزداد سوءا بالتدخين على العكس من مرض التقرحات القولونية الذي تنخفض معدلات الاصابة به في المدخنين.
لا تعرف بالضبط الميكانيكية الفسيولوحية من وراء انخفاض معدلات الاصابة بالتقرحات القولونية في المدخنين ويحتاج الأمر للعديد من الابحاث و الدراسات الطبية لاكتشاف الرابط الخفي بين الاثنين.
مرض الشلل الرعاش أو ما يعرف باسم (مرض باركينسون) هو مرض يصيب الجهاز العصبي الحركي عن طريق التأثير على مفرزات الدوبامين في الجهاز العصبي مما يؤدي لضعف القوى الحركية وعدم قدرة المريض على التحكم في أعصاب و عضلات الحركة بشكل جيد (هل تذكر محمد علي كلاي؟).
وجدت الدراسات الأمريكية انخفاض معدلات الاصابة بالشلل الرعاش بين الجنود الامريكيين القدامى في حالة المدخنين بثلاث مرات أقل من غير المدخنين. على الرغم من أن التدخين يزيد من معدلات الاصابة بالبله و التخلف العقلي بشكل عام ولكنه يخفض من معدلات الاصابة بمرض الشلل الرعاش عن طريق مياكنيكية غير معروفة أيضا ولكن بعض العلماء يقترحون أن السبب هو مادة النيكوتين الموجودة في التبغ بشكل طبيعي حيث تساعد على افراز الدوبامين من الخلايا العصبية مما يقلل من معدلات الاصابة بالمرض.
يقلل التدخين من معدلات الشهية عن طريق تغيير وتقليل كفاءة المسارات العصبية للشهية ومستقبلات الطعام في كل من المعدة و الجهاز العصبي. يؤدي ذلك لانخفاض أوزان المدخنين بشكل عام عن غير المدخنين نتيجة لقلة الأكل. لا يعاني كل المدخنين من فقدان الشهية و يحتاج المدخن على الأقل لتدخين 40 سيجارة يوميا لتؤثر على شهيته بالطريقة المذكورة سابقا وهي كمية كبيرة من التدخين لا يمارسها جميع المدخنين الذين يتراوح معدل التدخين لديهم من 15-20 سيجارة في اليوم.
حتى في حال قيام المدخن بتدخين 40 سيجارة يوميا فلن ينعم بمميزات النحافة حيث قد تتأثر صحته بشكل خطير بسبب زيادة معامل التدخين لديه مما يفقده كل المزايا الصحية للنحافة عن طريق الاصابة بأمراض القلب و الرئة.
على الرغم من أن المدخن عرضة للاصابة بدرجة أكبر بالجلطة القلبية وهي انسداد أحد الشرايين التاجية المغذية للقلب عن طريق جلطة دموية مما يؤدي لموت جزء من القلب نتيجة قلة الغذاء، الا أن المدخنين أقل عرضة للموت بسبب الجلطة القلبية حيث أنهم في الغالب يصابون بأمراض القلب في سن مبكرة عندما تكون صحتهم العامة و حالة الجسم الصحية بوجه عام تتحمل التعافي من اصابة خطيرة كهذه على عكس غير المدخنين الذين يصابون بالجلطة في أعمار متقدمة بحيث لا تتحمل حالة الجسم العامة التعافي من الجلطة القلبية مما يؤدي للوفاة بنسب أكبر من المدخنين.
حقيقة أخرى عن التدخين حيث يميل المدخنون للنحافة وقد وجدت الاحصائيات الطبية أن المدخنون أل عرضة لتلف مفصل الركبة بسبب قلة الوزن وقلة الحركة بشكل عام و بالتالي عدم حاجتهم لاجراء عمليات تغيير مفصل الركبة.
يعمل النيكوتين في دخان التبغ على تحفيز انزيمات الكبد المعروفة باسم (سايتوكرومز) حيث تؤدي هذه الانزيمات لتنشيط بعض الأدوية مثل عقار كلوبيدوجريل (المعروف تجاريا باسم بلافيكس) وهو عقار يستخدم لتقليل نسب التجلط في الدم في مرضى القلب و العديد من الامراض الأخرى. إلا أن انزيمات السايتوكروم تعمل أيضا على هضم العديد من الأدوية الاخرى وتقليل كفاءتها لذلك لا يعتبر التدخين بوجه عام محفزا للأدوية إلا في بعض العقاقير بشكل خاص.
وفي النهاية هذا المقال فاننا نؤكد أن التدخين عادة سيئة ولها أضرار خطيرة على الصحة ولكن أردنا فقط تسليط الضوء على بعض الحقائق التي قد لا تكون معروفة للجميع و تخالف الفكرة السائدة بأن التدخين ضار على كل حال.
إذا أعجبك المقال شاركه مع أصدقائك.