تألق بصناعة عطرك المفضل بنفسك

العطر شئ أساسي فى حياة الإنسان ولا يستطيع الكثيرون التخلي عنه، وربطه الناس منذ القدم بالجمال أحيانًا وعبق التاريخ أحيانًا، والذكرى فى أحيانًا أخرى، فقد تغنوا به وكتبوا عنه الأمثال والحكم، وكان أفضل ما كتب عنه ما قالته الكاتبة غادة السمان حينما شبهته بالموسيقى والذكرى والحلم قائله "العطر كالموسيقى ينقلنا إلى أزمنة أخرى، العطر بطاقة سفر إلى الذكرى، أو رحيل القلب إلى الحلم.. للعطر صوت يهمس: اذكريني"

وتم إستخدام العطر منذ قديم الأزل فكان فى بداية الحضارات البشرية يقومون بحرق النباتات ذات الروائح الزكية لتعطير المنازل وكان يستخدم هذه الخطوة بعض المعتقدات فى إقامة شعائرهم الدينينه وحتى فترة قريبه، كما أن الفراعنة استخدموا العطر منذ خمسة آلاف سنة، ولكن كان العرب أول من

 إلا أن العرب هم أول من استخدم تاج الزهرة لاستخراج ماء الزهور منذ 1300 عام. ولم يستعمل العرب تاج الأزهار كعطرٍ فقط بل استعملوها كدواء أيضاً. ولعل أقدم أنواع العطور في العالم يدعي "عطر الورد" وقد كان رائجاً جداً لدى القبائل العربية.

وبالرغم من أهمية العطر ومكانته الكبيرة لدى الكثيرين، إلا أن الأنواع ذات الجودة العالية منه والمضمونه تباع بأسعار باهظة لا يقدر عليها معظم الناس، لذك فيلجأ بعضهم إلى شراء عطور التركيب أو رخيصة الثمن التى يتم بها إستخدام مواد خطيرة ومضره بالصحة بعضها يؤدي إلى سرطان الجلد، دون أن يدري.

 ومن أجل الحفاظ على صحتكم سنوضح فى خطوات بسيطة كيفية صنع قارورة من عطرك المفضل يعطيك نفس درجة العطور ذات الجودة العالية دون تكلفة كبيرة إلى جانب أنها تكون بمواد مضمونه أشتريتها بنفسك وتأكدت منها، إلى جانب أنها قد تكون فرصة للراغبين فى عمل مشروع خاص بهم من الصفر دون تكلفة تذكر.

فى البداية وقبل الخوض فى طريقة الصنع لابد أولا من التعرف على تركيب زجاجة العطر حيث أن المكون الأول منها هو الزيوت العطرية، والزيوت المستخلصة من الأزهار والنباتات باهظة الثمن جدا لأن مجرد إنتاج أوقية واحدة من العطر يتطلب كميات هائلة من الأزهار تتجاوز الآلاف لإنتاج عبوة واحدة.

ويتم إستخلاص الزيوت العطرية من الأزهار بثلاثة طرق وهي: التقطير بالبخار أو الإستخلاص بالمذيبات الكيماوية، أو الإستخلاص بالنقع، وسنتناول طريقة إنتاج وإستخلاص الزيوت العطرية فى كل طريقة بالتفصيل.

 أولًا: التقطير بالبخار:

ويتم فيه تمرير البخار الكثيف على بتلات الأزهار، أو سيقانها وأوراقها، حسب الجزء العطريّ الفعّال منها، حتى تتفكّك الزيوت العطريّة المخزّنة فيها، وتتحوّل على شكل غاز، وتنطلق هذه الغازات عبر أنابيب خاصّة ومجهّزة، يمر فيها ويبرد ويتكثّف، ويتحوّل إلى سائل، ويتم تخزين هذا السائل العطريّ المركز في قوارير زجاجيّة محكمة، وبالإمكان الحصول على هذا السائل، بتسخين بتلات الأزهار في ماء مغليّ، وغليها مع الماء، واستخلاص الزيت العطري الناتج.

ثانيًا: استخلاص الزيوت العطرية من الإزهار بالمذيبات:

وتعدّ هذه الطريقة، من أهم طرق صناعة العطور، وتكون بإذابة بتلات الأزهار في مذيب كيميائيّ، ومن ثمّ القيام بعمليّة تقطير للمحلول الناتج، وبعد انتهاء عمليّة التقطير، نلُاحظ مادة شمعيّة تحتوي على الزيوت العطريّة المستخلصة، فيتم وضع هذه المادة الشمعيّة في كحول إيثيلي حتى يذوب الزيت العطريّ، ويطفو على السطح، ثم يُعرّض لحرارة مناسبة لنوع الكحول، فيبتخر وتبقى مادة الزيت العطري المركزة.

ثالثًا: الاستخلاص بالنقع:

تتم هذه الطريقة بوضع طبقة دهنيّة في أوعية زجاجيّة، ومن ثم توزيع بتلات الأزهار فوق هذه الطبقات الدهنيّة، حتى تمتصّ الزيت العطريّ المخزن في البتلات، فتتكوّن مادة دهنية عطرية الرائحة، تُسمّى بالمرهم أو الكريم العطريّ، ومن ثم يُعالج المرهم الناتج عدّة معالجات كيميائيّة بوضع الكحول عليه، للتخلّص من المادة الدهنيّة، والاحتفاظ بالزيت العطري المركز.

ونتيجة أن طرق إستخلاص الزيوت العطرية من الأزهار شاقة للغالية، فقد بحث العلماء عن طريق بديله ووصلوا إلى إستخدام زيوت صناعية فى جميع العطور مع إضافة نسب صغيرة من زيت الأزهار الخالص، وبعد سنوات من البحث أصبح بمقدر العلماء إنتاج زيوت صناعية مشابهة تماما للزيوت الأصلية، والعطور عادة تكون عبارة عن مخلوطات من الزيوت الصناعية وخلاصات زهرية وبلاسم تعمل على بطء تبخرها كذلك تدخل فيها خلاصات حيوانية كالمسك وغيره من المواد التى تزيد من فترة بقاء عبيره وشذاها لفترات طويلة.

ويتم الإعتماد على تجزئة العطور الطبيعية، لأن الزيوت العطرية الطبيعية في بعض الأحيان لا يمكن استخدامها بسبب وجود نسبة عالية من الروائح الكريهة في مكوناتها، وبالنظر مثلا للخزامى فإن بعض زيوتة الأساسية تحمل نسبة عالية من الكافور ذو رائحة دوائية حادة وغير مرغوبة دائما في تكوين العطور، وفي هذه الحالة، يمكن تجزئة المواد العطرية لاستبعاد العناصر الغير المرغوب فيها، أو على العكس من ذلك، لعزل الجزء الأكثر إثارة للاهتمام للإستخدام في صناعة العطور، وعن طريق التجزئة، يمكن الحصول على مادة مشتقة صغيرة جدا من المادة الأصلية.

وتحتاج صناعة تركيب العطور إلى شخص ذو حس عالي له قدره علاية على تمييز الروائح وله القدرة على الصبر والمعافره خاصة وأنه قد يتطلب العطر الواحد عدة شهور من التجارب والتوليف حتى يصل إلى الصورة النهائية القابلة للطرح والتداول.

وتنقسم تركيبات الزيوت العطرية لثلاثة أقسام وتسمى بالنغمات العطرية وتكون على شكل هرم قمته تسمى بالنغمة الفوقية وهي الرائحة التى تنتشر فى الجو بمجرد رش العطر ويعطي الأنطباع الأول عن العطر ويدوم لفترة قليلة جدًا قد تصل إلى دقيقية تقريبًا. والقسم الثاني هو الهيكل الرئيسي للعطر أو ما يعرف بقلب العطر وهي الرائحة التي تشكل الصيغة الأساسية للعطر, كأن يكون شرقياً, زهرياً, فاكهي,خشبي. والثالث هو قاعدة الهرم العطري التى تتوج العطر وتضفي عليه الشخصية المميزة وهي الرائحة التى تدوم طويلا وتبقى لفترات كبيرة جدًا تستمر لوقت طويل بعد نهاية عبير العطر, وهي غالباً ما تكون رائحة خشبية ومواد كثيفة ومركزة.

والروائح التى تتكون منها الزيوت العطرية تنقسم أيضًا إلى ثلاث أقسم وهي العطور الشرقية والعطور الزهرية والعطور الخشبية.

وبعد التعرف على الزيوت العطرية والطرق التى يتم إستخلاصها منها، بقى لنا أن نعرف كيف نقوم بتركيب زجاجة العطر المفضلة لكل منا، بمواد بسيطة جدًا وهي الكحول والإسانس أو الزيت العطري، ومثبت وماء مقطر.

1- بالنسبة للزيت العطري يتم إستخدام أي زيوت عطرية مفضله لدى كل شخص منا.

2- الكحول وينقسم إلى كحول إيثيلي ومنه تركيزات عديدة يفضل منها 95 أو 98، ويفضل أكثر الكحول الطبي منها. والكحول الثاني هو الكحول الميثيلي وهو ضار جدًا تستخدمه بعض محلات التركيب رخيصة الثمن ويسبب أمراض جلدية وقد يسبب الوفاة وهو يستخدم فى الأساس فى المبيدات الحشرية. وهناك كحول أخر تستخدمه العلامات التجارية الشهيرة وهو الاييزوبروبيلي ولكنه غير متواجد فى الأسواق المحلية ويصعب إيجاده بالإضافة إلى أنه غالي الثمن جدًا.

3- والمثبت وهو يستخدم لتثبيت العطر على الملابس لأطول فترة ممكنه ويستخدم به العديد من المواد منها بنزوات البنزيل، وصمغ الجاوي، أو الجلسرين أو الصندل.

4- والماء المقطر يستخدم ليسرع من تفاعل الكحول مع الزيوت العطرية ويمكن إيجاده فى الصيدليات.

والأدوات المستخدمة فى التركيب الزيوت العطرية هو 1- زجاجة عطرية بالبخاخ الخاص بها ويوجد منها أحجام مختلفة وأشهر الأحجام المعروفة منها هي 50 ملي و100 ملي.2- سرنجة (الحقنة) المسطره لقياس كمية الزيوت والكحول التى يتم إستخدامها فى كل زجاجة.

بعد تجهيز الأدوات والمواد وتحضيرها، تبقى لنا معرفة طريقة التركيب وهي سهلة للغاية، في حالة الرغبة فى تركيب زجاجة عطرية حجم 50 ملي يتم وضع 10 ملي زيت عطري من الزيوت المفضلة، ثم وضع أي جرام من أي نوع من أنواع المثبت المتوفره لدينا سواء بنزوات البنزيل أو الجلسرين، ثم يتم وضع 40 ملي من الكحول الإيثيلي ويفضل الكحول الطبي ووضع فوقه قطرة او ثلاث قطرات من الماء المقطر، ورج الزجاجة جيدًا. ولنتيجة أفضل يتم وضع الزجاجة فى مكان بارد الفريزر أو الثلاجة لمدة أسبوع ثم وضعها فى مكان مظلم ليكمل شهر ولا يتم إستخدام الزجاجة وقت تحضيرها بالكحول الطبي لأن رائحة الكحول تكون شديدة وطاغية على رائحة الزيت العطري.

وفى حالة الرغبة فى تركيب زجاجة عطر حجم 100 ملي، فيتم وضع 25 ملي من الزيت العطري المفضل وفوقه جرام من المثبت ثم وضع 75 جرم من الكحول الطبي وفوقه الماء المقطر ورج الزجاجة جيدًا، ووضعها أيضًا فى الثلاجة نفس المدة وتركتها تتعتق لفترة أطول، لرائحة عطر قوية وفواحة من صنع أيدك.

ويبحث بعض الناس خاصة النساء عن التميز والإختلاف لذلك يلجأ بعضهم إلى مزج نوعين من العطر لكي يحظوا برائحة عطرية جديدة ومختلفة، وإذا رغبت فى القيام بهذا الأمر فعليك أن تلتزم ببعض النصائح وهي:

 1- اختيار عطر يتماشى ويراعي فصل السنة والموسم, وشخصيتك.

2- اختيار عطرين بتركيبة متشابهة كالعطور الزهرية أو عطور الأخشاب.

3- إذا كنت تفضلين الخلط بين نغمات عطرية مختلفة حاولي مراعاة قواعد المزج التالية

العطور المسكية تتناسب مع عطور الإنتعاش (حمضيات أو أزهار) فهي تخفف من كثافة عطور المسك.وعطور الأزهار المنعشة يكملها عبير الفانيليا الدافئ والعميق. عند إختيار عطرين أحدهما منعش والأخر دافئ, لابد أن تكون البداية بالعطر الدافئ يليه العطر المنعش الذي سيكون معززاً للعطر الدافئ. أما إذا كان العطرين من نفس التركيبة والنغمات العطرية, فيجب أن نختم المزيج بالعطر الذي يروق لك أكثر فهو سيكون العبير الأقوى.

 ولابد من الأخذ فى الإعتبار كثافة التركيبة عند اختيار العطرين، وإختيار عطرين متوازنين يكملان بعضهما البعض كاختيار عطر منعش مع عطر شرقي/ عطر خشبي ثقيل مع عطر زهري خفيف. وإذا كان عطرك برائحة كثيفة خففي من قوته باختيار عطر بتركيز أخف لمزجه معه, مع الانتباه لمراعاة النوتات العطرية. وعبير عطور الحمضيات يتماشى مع كافة العطور, لذا يمكنك دمجه مع أي نغمه عطرية أخرى بثقة. والعطور الشرقية لايحبذ مزجها مع أي عطر أخر لأنها عطور قوية وبتركيبات مركزة.

4- لا يتم مزج أبدًا أكثر من عطرين معاً في نفس الوقت، ولا تجرب مزج عطرين معًا أبدًا فى زجاجة واحدة.

5- يمكن مزج العطور بأكثر من طريقة أولهما الرش على الجلد بشكل مباشر وفى نفس الوقت، أو رش عطور مختلفة على أجزاء مختلفة من الجسم, مثلاً رشي عطر على المعصمين والذراعين وأخر على الكتفين والعنق, رشي عطراً على الجهة اليمنى وأخر على الجهة اليسرى. ويجب التأكد أولا من نتيجة المزج قبل تطبيقه على الجلد عبر تجربته على منديل ورقي أو على المعصمين.

6- لرائحة عطرية ومزيج يدوم ضع طبقة خفيفة من اللوشن بعبير الورود الخفيفة, ثم رش عطرين أحدهما بعبير النغمات العطرية لنتيجة رائعة تدوم طويلاً. يجب التأكد أولا قبل رش العطر أنها لا تسبب حساسية، ويجب أولا أن يتم تجربتها على المعصم أولا لمعرفة إذا كانت تناسب بشرتك أم لا.

7- دائما أستمع لحدسك في اختيار العطور والحكم على مدى تناسبها واندماجها, وتذكر أن مزج العطور هو في النهاية اختيار وذوق شخصي.








  • Share

    • 4139
    • 4,538