لله ألطاف خفية وإن كنا لا نراها وإن كانت بصائرنا البشرية عاجزة عن ادراكها ولكنها موجودة.
وجودية الألطاف يمكن تشبيهها بوجودية الروح داخلنا، نحن نعلم علم اليقين ان بنا روحا، وإنها تشعر وتأن وأنها داخل الجسد في مرحلتها الفانية وستصعد الي بارئها لتبدأ حياة الخلود، ولكننا رغم ذلك لانراها، هكذا هو لطف الله الخفي عنا، المحيط بنا في كل لحظة، كل نفس، بل في كل طرفة عين !.
كم من مرة تأخرت عن ميعاد الوصول للحافلة وانزعجت بذلك كثيرا وربما اضطررت الي إلغاء موعدك ثم جاءك خبر أن هناك حادث قد وقع في الطريق وان تأخرك هذا قد أنجاك من حتفك !.
كم من مرة استشطت غضبا لسرقة محفظتك أو ربما نسيانك لأحد أغراضك أو تعديلك لخطط يومك بسبب طاريء جديد في صورة عطل، رسوب، إخفاق، مرض، فشل، خسارة، فيتحول مسار يومك لتكتشف أن هذا الطاريء كان السبب الوحيد لنجاة، نجاح، عوض.
ربما يعجز الإدراك البشري عن الشعور بهذا اللطف خاصة في لحظات ترتيبه، لأنها تبدو دائما مغايرة لأهدافنا، تبدو في صورتها الموجعة، لكن وجودية الألم لا تنفي وجودية اللطف.
في الحقيقة لن أجد وصفا أفضل من قوله تعالي (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا )
هذا الإقتران الإعجازي ما بين العسر واليسر، فاليسر لا يتبع العسر أو يليه، بل معه، مقترن به !.
العسر قائم واليسر قائم أيضا ! هذا هو اللطف الخفي في أبهي حلته.
الإيمان بأن الله اللطيف يعلم الطاقة البشرية وقدرتها علي التحمل وأنه بلطفه يخفف ويهون ونحن لا نفهم، ولا نعلم، لكنه العظيم الذي لا يغفل عنه مثقال ذرة في كونه.
هو "اللطيف الخبير".
يبعث بملائكة تنزل السكينة علي عباده في أقصي لحظات الألم، يرسل رسائل في صورة أشخاص تهديء من روعك في أقصي درجات الخوف، أو ربما سماعك لأية مصادفة فتتنزل علي قلبك كأنها أنزلت لك الآن لترفق فقط بحالك.
"قد لا نصل إلي بلوغ الغاية الكامنة وراء كل ابتلاء يحدث لنا، ولكن ما نعيه جيدا أن الله معنا ولطفه يحاوطنا ورحمته تغمرنا، وهنا هنا فقط تتكون علاقة الود بين العبد وربه.
فهو يدرك أن اللطيف يراه، ولطفه يبلغه، وأنه معه حتي في أكثر الأيام ظلاما، وأضيق الأحوال، فالله يحبه، فيعبده ويتحمل الابتلاء حبا وطوعا، فلله در قوم يحبهم ويحبونه !"