يعاني عالمنا العربي من التخلف الكبير في مجال الترويج السياحي رغم ما يزخر به من تنوع طبيعي وبيئي ومعالم تاريخية وحضارات قديمة متعاقبة وعادات وتقاليد وتراث غني ومتنوع إذا ما قورن بدول العالم الأخرى التي أولت هذا القطاع اهتماما بالغا ونجحت في استقطاب الزوار والسياح من شتى بقاع الأرض وعلى سبيل المثال لا الحصر جميعنا تقريبا نعرف او نسمع عن أو ربما قد شاهدنا بأم أعيننا سواء عبر الشاشات أو عبر الطبيعة ما يعرف بالغراند كانيون أو (الأخدود العظيم) وهو ظاهرة طبيعية جيولوجية عبارة عن اخدود عميق يقع في الجزء الشمالي الغربي من ولاية اريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ظاهرة طبيعية سببها جريان نهر كولورادو الذي شق مجراه عبر صخور هضبة الكولورادو خلال 40 مليون سنة تقريبا مخلفا وراءه اخدود عظيم وبالغ العمق والاتساع ويعتبر كذلك معلم سياحي بارز يزوره ملايين السياح سنويا ويقفون على حافته السحيقة وربما قاموا ببعض المغامرات والمخاطرات على ضفاف الوادي السحيق.
والغريب والعجيب أنه يوجد في منطقتنا العربية نسخة طبيعية تكاد تكون طبق الأصل عن ذلكم الوادي الشهير في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن للأسف لا يعلم عنها أحد وربما لم يشاهدها بشر من قبل والسبب يعود أساسا إلى ضعف الإعلام والترويج السياحي في منطقتنا العربية وانشغال كثير من الدول العربية بمشاكلها الاقتصادية والسياسية وتعتبر السياحة في كثير من البلدان العربية أمر ثانوي لا تهتم به حكوماتنا العربية كثيرا ولا تلقي له بال رغم أنه يعتبر من مصادر الدخل القومي الأساسي في كثير من البلدان المتحضرة.
إن قراند كانيون العرب يوجد تحديدا في هضبة حضرموت باليمن وهي عبارة عن هضبة رسوبية ترتفع ما يقارب 1500 متر عن مستوى سطح البحر وتمتد من حدود اليمن مع سلطنة عمان شرقا وتنتهي في مركز محافظو شبوة وسط اليمن غربا ومن ساحل بحر العرب جنوبا إلى صحراء الربع الخالي شمالا مغطية مساحة تتجاوز 90 ألف كيلومتر مربع أي ما يقارب مساحة 4 دول عربية مجتمعة.
تعرضت هذه الهضبة لعوامل النحت الجوي المتمثلة أساسا بالأمطار في فترة العصر المطير قبل ملايين السنين حيث شقت تلك الأمطار صخور الهضبة ونحتتها نزولا مشكلة الوديان السحيقة والمجاري النهرية القديمة التي لا تزال قائمة حتى اليوم وشاهدة على عنف المظاهر الطبيعية والجيولوجية.
تتخلل تلك الهضبة العديد من الوديان أشهرها وادي حضرموت ودوعن وجردان وغيرها من الأودية التي استوطنها الإنسان منذ القدم وانشأ فيها ممالك قديمة مثل مملكة حضرموت في الألفية الأولى قبل الميلاد إلى جوار ممالك أخرى مثل سبأ وقتبان.
أهم ما يميز تلك الهضبة هو هي مظاهر السطح حيث تشبه إلى حد كبير وادي القراند كانيون السابق ذكره والمتميزة بسطح رسوبي منبسط وواسع تتخلله الأودية العميقة والتضاريس السحيقة المضرسة التي لو استغلت سياحيا لشكلت مصدر دخل لسكان تلك الهضبة المجهولة وسط عالمنا العربي الغني والمتنوع بمظاهر الطبيعة الخلابة والنادرة، والغريب في الأمر وجود كميات هائلة من المياه الجوفية والنفط والغاز في سطح تلك الهضبة حيث يشكل ذلك الأمر مخالفة للعادة التي جرت باستخراج النفط والغاز والماء من باطن الأرض وقيعان الأودية والصحاري وليس من أعالي الهضاب.
الصورة أعلاه من وادي دوعن الشهير في وسط هضبة حضرموت.
ولمشاهدة الهضبة من الأعلى بتصوير عالي الجودة يظهر كامل التفاصيل الطبيعية لتلك الهضبة يمكنك زيارة الرابط التالي وهو لبعثة فرنسية قامت بتصويره باستخدام المناطيد قبل عدة سنوات.