حكاية فيلم الغرفة وتفاصيله المثيرة

يعيش جاك مع أمه فى غرفة صغيرة، كانت هذه الغرفة بالنسبة لجاك هى كل حياته، فهو لا يعلم شيئاً عن العالم إلا ما يشاهده فى التلفاز، ونيك الذي يقوم باحضار الطعام لهم. كانت الحياة هادئة.. مستقرة.. رتيبة.. وأيام متكررة لا يشوبها شائب. قد يظن البعض أن فيلم غرفه أو Room هو فيلم إثارة أو رعب، فأحداثه تدور حول حادثة اختطاف أخرى لكن هذا الفيلم خالف كل هذه التوقعات بتقديمه عمق انساني مؤثر من الدرجة الأولى. فأحداث فيلم غرفة تدور معظم أحداثه في حجرة أو أربعة جدران ولكنها تبدو كمنزل كامل، فيوجد بها مكان للطهي وحوض للاستحمام ومنضدة للطعام وتلفاز قديم يعرض صور مشوشة، ونافذة في أعلاها تتيح لساكنيها ملاحظة تعاقب الليل والنهار.

حكاية فيلم الغرفة وتفاصيله المثيرة

و كما ذكرنا سابقا أن جاك وأمه هما من يعيشان في تلك الغرفة. ولكن تعالوا ننظر الى جاك الطفل من قريب أنه طفل يبلغ من العمر خمس سنوات له شعر طويل فهو لم يقصه منذ ولادته، وتعيش معه أمه التي يناديها "ما"،و هي سيدة شابة لا يمكن معرفة عمرها فهى تعانى من تعب وشقاء وحزن يظهر في ملامحها فيغير منها ويجعلها أكبر من سنها. تمثل هذه الغرفة عالم جاك فهو لم يرى سواها منذ ولادته، لا يعلم حقا هل هناك عالم أخر خارج أم هو الفضاء، وهناك عالم اخر ولكنه عالم خيالى أنه عالم التلفزيون فهو أساسي في حياة الطفل جاك المحدودة. ولكن أمه استطاعت أن تخفي عنه مأساتها، فلم يشعر بغرابة أو غربة.

 و لكن ما عرفته الأم عن نيك جعلها تكسر قيود السجن وتنسي الاستكانة، فالخطر قادم لا محالة. فتقرر الأم بعد عيد ميلاد جاك الخامس أن تخبره بالحقيقة، فـ نيك هو من قام بخطفها وسجنها وهي في التاسعة عشرة من عمرها للاعتداء عليها وكان جاك نتاج هذا، وأن هناك عالم بالكامل بالخارج لا يعرف عنه شيئاً. ولكن ما عرفته الأم وكان يهدد حياتهما أن نيك عاطل وسيخسر منزله وسوف يتخلص منهما قريباً. لم يكن تقبل الأمر لهما هما الاثنين سهلا، فلقد تعايشا مع واقعمها حتى أنه مر خمس سنوات دون محاولة منهما للنجاة. في الواقع، لقد فقدا قدرتهما على التعامل مع الآخرين، وفي الحقيقة أن جاك فهو لم يتعلم أصلا أن يتعامل مع أى شخص أخر غير أمه.

و في هذه اللحظة كان عليهما التخطيط للهرب، فلا أحد يتوفع ماذا يمكن أن يفعله نيك بهما. فأخبرت الأم نيك بأن جاك مريض جدا وعليه الذهاب للمستشفى، ولكن لم تفلح هذه الحيلة. ولذلك قامت الأم باخبار نيك أن جاك قد مات وأخرجته ملفوفا فى سجادة لتنقذ حياته.و لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لجاك فكان يعاني من صعوبة التواصل مع الآخرين وضعف قدرته على التعبير، ولكن رغم ذلك كله فلقد استطاع الوصول إلى الشرطة والإبلاغ عن مكان أمه وانقاذها.

بالطبع كانت الأم تحتاج إلى رعاية طبية كبيرة مما جعلها تدخل المستشفي لمدة. أما جاك فعاش مع جدته ليبدأ حياته الجديدة بعد تخبط وتحير نظراً لخبرته المحدودة. واجتمع الأم وجاك فى مسكن جديد، ولكن كان عليهما أولا أن يتخلصا من ذكرياتهم المؤلمة. فزارا الغرفة التي جمعتهما فى السابق وتخلصا من المشاعر التي كانت تربطهما. والآن فالوادع لهذه "الغرفة".

فالفيلم كما قلت ليس فيلم إثارة أو رعب أو جريمة، ولكن هناك لحظات حقيقية تعيشها مع الأم وابنها فتحبس أنفاسك في محاولاتهما للهرب وتتمنى لهما النجاح.

في الحقيقة أن فيلم "غرفة" للا يطرح قصة جديدة. ف كل ما سبق هو أساس لفيلم جيد، ولكننا شاهدنا من قبل أفلام كثيرة تتناول قضايا الاختطاف والهرب، فما الجديد الذي الذي قدمه فيلم غرفه أو Room ليصبح واحد من أجمل أفلام 2015 ويستحق هذه الترشيحات المتعددة لجائزة الأوسكار. أن الجديد في أحداث هذا الفيلم أنه يعرض العالم كما يراه الطفل جاك، فنعرف أننا نعيش في عالم كريه أما جاك فيري العالم بعيون بريئة، فلم يفسد العالم فطرة جاك فهو لم يحيا كباقي الأطفال ولم يرَمن الدنيا سوى القليل. لم يكن يدرك الحقيقة، وعندما فتح عيونه لم يجد في واقعه سوى البشاعة. فأبوه هو رجل خاطف مغتصب تسبب في معاناة أمه من اضطرابات نفسية بالغة نتيجة لتجربة مؤلمة، يفتح عيونه ليواجه عالم يخافه فهو لم يعتده عليه بعد، ومع ذلك فان جاك الصغير منحه الله قوة لم يحظ به العديد من البالغين. فجاك الصغير هو الراوي لأحداث الفيلم، فالكثير من المشاهد التي تم تصويرها من وجهة نظر جاك الصغير، مما جعل المشاهد يرى العالم بشكل مختلف وغير مسبوق كما يراه جاك.

أن فيلم غرفة هو فيلم مقتبس أحداثه من رواية "غرفة" للكاتبة الأيرلندية الكندية إيما دونغهو التى تم نشرها عام 2010 وهي مقتبسة من حادثة حقيقية فعلا، ولقد حصدت هذه الرواية العديد من الجوائز مثل Orange Prize عام 2011 وجائزة الكومنولث ووصلت للقائمة القصيرة لقائمة البوكر عام 2010 وغيرها من الجوائز والترشيحات. ومن الطبيعي عند تحويل رواية لعمل سينمائي نجد من يعترض على التغييرات التي حدثت في الأحداث وتختلف عن الرواية، فلقد أصرّ البعض أن الرواية غرفة هى أقوى من الفيلم على الرغم من روعة الفيلم وتقديمه بشكل جيد والحفاظ على روح الرواية الأصلية.


فنحن نرى في فيلم غرفة أو Room موهبة تمثيلية فائقة لكل من بري لارسون في دور الأم وجاكوب تريمبلاي في دورك جاك الصغير فلقد أثبتت بري لارسون نجاح كبير في هذا الدور، وترشحت عنه لجائزة الأوسكار والبافتا وفازت بجائزة الجولدن جلوب. وحتى تقوم بري بهذا الدور فقد قامت بعزل نفسها عن البشر لمدة شهر مع حمية غذائية قاسية لتشعر بما خاضته جوي وتستطيع التعبير عنه، كما أنها تجنبت غسل وجهها اثناء التصوير. أما الطفل جاكوب تريمبلاي فهو معجزة فنية حقيقية صغيرة، فقام بالدور بكل تلقائية وبساطة رغم انه دور معقد وقاسي، وكان بالفعل الروح الحقيقية للفيلم وسرّ تميزه.

أن المخرج الإيرلندي ليني أبراهامسون حقق تطوّركبير في أسلوبه من فيلم لآخر بداية من فيلم Adam & Paul ثم Frank وبعدها What Richard did ليصل لمستوى جديد من الإبداع في فيلم Room فيترشح عنه لجائزة الأوسكار لأول مرة في تاريخه. فلقد قدم أبرهامسون في هذا الفيلم روح حقيقية للرواية الأصلية، كما أضاف عامل التشويق دون الإخلال بالعمل الفني، وأظهر الفرق في رؤية جالك للغرفة في بداية الفيلم وهي متسعة وكبيرة عندما كانت عالمه الوحيد، ثم ضيقها وصغرها في نهاية الفيلم عندما عرف الحقيقة ورأى الدنيا الجديدة.

و أخيرا، أن فيلم غرفة أو Room استطاع مس مشاعر المشاهد وإثارة إعجاب النقاد ولجان الترشيحات للجوائز المختلفة رغم أنه صاحب ميزانية ضئيلة مقارنة بالأعمال الأخرى التي تم عرضها في موسم الجوائز هذا. وبدأ في حصد الترشيحات والجوائز بالغولدن غلوب التي فازت بها كأفضل ممثلة بري لارسون وترشح لجائزة أفضل فيلم دراما وأفضل نص لكن لم يفز بهما، ثم ترشح لجائزة البافتا لأفضل نص مقتبس وأفضل ممثلة في دور رئيسي، وختم هذه الترشيحات بأربعة ترشيحات لجائزة الأوسكار هم أفضل ممثلة في دور رئيسي وأفضل إخراج وأفضل فيلم، وأفضل نص مقتبس.



  • Share

    • 1327
    • 2,526