هل شعرت يوماً وأنت تتحدث أمام مجموعة من الناس وكأنّ حلقك يغلق لوحده، أو كأنّ هناك كتلة غريبة كبيرة تسدّه لك فلا تخرج الكلمات كما تريد ولا بالصوت الذي تريد؟ هل طلبت شيئاً بشكل جدي من والدك أو من رئيسك في العمل وبدأ صوتك يرتجف ويبدو خافتاً كما لو أنّه قطعة جيليه وضعت فوق ترامبولين مرن؟
إن كنت كذلك، فيبدو أنّه ليس عليك أن تعاني من بعض الاعتلالات البدنية الطبيعية التي يمكن تخطيها ببعض الخدع السهلة نسبياً. هناك تفسير علمي تشريحي لما يحدث لصوتك عندما تكون تحت الضغط، أو هذا على الأقل ما تخبرنا به أخصائية علم النطق والحديث في جامعة بيتسبورغ، البروفسورة: جاكي غارتنر شميدت.
يملك جميع البشر حبالاً صوتية، وتسمّى في بعض الأحيان الطيّات الصوتية لكونها تطوى كما المناديل. وتتوضع هذه الحبال الصوتية في أعلى القصبة الهوائية، تماماً خلف تفاحة آدم. تقول البروفسورة جاكي: (إنّ السبب الحقيقي لامتلاكنا لحبال صوتية هو حماية أنفسنا). في الحقيقة، تقوم هذه الحبال بعمل هامّ للغاية هو منع استنشاقنا للماء إلى رئتينا عندما نقوم بشرب شيء ما.
لكنّ الباحثين اكتشفوا عبر تعريض المشتركين لحالات توتر مولدة مخبرياً، مثل الحديث أمام العامّة، أو سماع أصوات مرتفعة أو اندلاق ماء باردة على جسدك، بأنّ العضلات حول صندوق الصوت أو العضلات التي تقبع تماماً داخل صندوق الصوت (الحبل الصوتي) تقوم بردّة فعل. حيث تؤكد البروفسورة جاكي: (إنّها تنشط، وفي بعض الحالات تنغلق جميعها بشكل كلي).
لا أحد بكل تأكيد يرغب بأن يبدو صوته مرتجفاً أو مخنوقاً أو حاداً وخافتاً عندما يتحدث. وكما صاغت غارتنر شميدت الأمر: (نريد لأصواتنا أن تكون عاكسة لعزيمتنا، وليس مرآة لضعفنا. وفي الدراسة تلو الأخرى بدا بأنّ الصوت الحاد مرتبط بشكل لا ينفصم مع للتوتر، وعدم الكفاءة، وعدم القوّة، وعدم الثقة).
ويبدو بأنّ هذا الأمر يحوز أهمية أكبر اليوم تبعاً لكون أغلب لقاءاتنا واجتماعاتنا ومؤتمراتنا تحدث عبر الهاتف أو عبر الفيديو. وكنتيجة لذلك، كما تقول غارتنر شميدت: (إنّ الصوت يأخذ إلى حدّ كبير المزيد والمزيد من تصوراتنا).
وتقترح غارتنر شميدت كي يتم تجنّب حدوث هذا أن نقوم بتمرين سهل (وهو الذي دعته بأنّه أحد المفضلين لديها، وبأنّه التمرين الذي قد يغيّر حياتك ويصقل مهارات خطاباتك):
ضع إصبعك السبابة على بعد بضع بوصات من فمك. وبينما تقوم بالزفير بشكل مستقر وثابت، أصدر صوت (واووووووووووووووو) (كما يحاول طفل صغير أن يقلّد صوت شبح لإخافة أحدهم) لمدّة ما بين خمسة إلى عشرة ثوانٍ. كرر ذات الأمر لخمس أو عشر مرّات.
تقول جاكي: (هذا يريح بشكل رئيسي الطيّات الصوتية. إنّها تهيّئ التنفس والتدفق الهوائي والاستقرار الصوتي، وهي حجر الأساس في أيّ صوت قويّ وواضح).
إنّ ما تقوله البروفسورة جاكي ليس مجرّد تخمين قد ينجح وقد لا ينجح. فهي إضافة لكونها اختصاصية أمراض النطق والحديث في جامعة بيتسبورغ ورئيسة قسم أمراض النطق والصوت في الجامعة، فهي مشتركة في علاجات فاعلية الصوت السريرية في المركز العالمي للأبحاث، وعضو في المركز الاجتماع النفسي لأبحاث اعتلالات التنفس والصوت. وقد نشرت أكثر من 35 ورقة بحثية وقدّمت وراجعت أكثر من 300 خطاب وطني ودولي. تحصل البروفسورة جاكي على التمويل الفدرالي من أجل إتمام الأبحاث التي تركّز على تطوير فاعلية برامج العلاج الصوتية المتنوعة، وذلك بصفتها محقق مساعد في الفريق الجامعي.
قبل ذهابك المرّة القادمة إلى حدثك الهام الذي يجب عليك فيه أن تتحدث أمام مجموعة، سواء أكان ذلك لأجل العمل أو لأجل خطاب ودّي أو حديثٍ تأبيني أو أيّ خطاب تخاف ألّا تؤدي فيه كما ينبغي، عليك بتطبيق نصيحة البروفسورة جاكي. قم واقضي بعض الوقت في إيجاد أفضل صوت لك. ولا تخشى المحاولة، فلا بدّ أن تتقدم.