في حالات خاصة تتسبب ضغوط الحياة في جعل البعض - رجلا كان أم امرأة - يتوهم أشياءا ليس لها وجود في سجل الحقائق المؤكدة في واقع حياتنا، غالبا ما تتعلق هذه "الأشياء" بالأحاسيس والمشاعر ومجموعة العواطف التي يغذيها العقل الباطن ويجعلها "كأنها" حقيقة، فتترسخ في خيال صاحبها فقط ! خاصة عندما يعيش الإنسان حالة من الفراغ العاطفي، فراغ فرضته ظروف الحياة وطبيعة المعيشة بمختلف أشكالها وألوانها، وحسب انفعالاته مقابل الثابت والمتغير داخل البيئة الأسرية والمكانية والاجتماعية التي نشأ بها هذا الشخص، فتجد بعضهم يخلق تلك الأوهام بنفسه حسب المكتسب والموروث في تشكيل شخصيته، ثم يستمر في هذا التوهم على أنه حقيقة، حتى عندما يصطدم بواقع الحقيقة لا يعترف بأنه كان واهما !، بل يزداد وهما على وهم !، وقد يعيش في تقمص حالة معينة ! على أنه ضحية مشاعره تجاه شخص ما، مما تجعله يعيش في حالة حزن "ربما كان حزنا مفتعلا وهو لا يدري " ورويدا رويدا يتملكه شعور بالإكتئاب ليصبح في طريقه إلى أشياء غريبة وعجيبة وتصرفات خارجة عن حدود المنطق والعقلانية ! لأنه بعد فترة من الوقت يصدق نفسه تماما، ولا يريد أن يفيق من هذه الحالة، التي مؤكد أنها حالة مرضية وهو لا يدري !.. فلو قسنا هذه الحالة الافتراضية "الأقرب للواقعية" نجد أنها متكررة في أشخاص كثيرين، وحسب طبيعتهم النفسية والاجتماعية والنوعية " فمثلا الإنسان الذي ليس لديه قدر من الوعي والإدراك، وأقصد الإنسان المهزوز متقلب المزاج والهوى، قد يصاب بحالة من الوهم على النحو الذي يجعله يعتقد بأنه أعلم من العلماء أنفسهم، وأذكى من كل الأذكياء والعباقرة "قديما وحديثا"، فتجده يتحدث بطريقة معينة يحاول بها إثبات أنه على قدر كبير من العلم ولا يقل علما ولا ثقافة عن الآخرين، يظل هذا الوهم مسيطرا على كيانه في أغلب المواقف، خاصة مع أناس لم يعرفونه من قبل، فهو يصرح بقيمته وبقدره أمامهم وهو في واقع الأمر ليس كذلك، ولا الأشياء التي ذكرها تمُت له بصلة ! ويستمر في أكاذيبه حتى يصدقها تماما !، قس على ذلك من لديهم "مركبات نقص"، والنقص هنا قد يكون في التعليم او المستوى الاجتماعي أو الحالة المادية أو أو إلى آخر العوامل التي تضع الإنسان في تصنيف وفئة اجتماعية معينة، فالغرور والكبر والأنانية وربما الجنون والاكتئاب والانتحار والهوس وانفصام الشخصية والشرور والكراهية والعداء وربما السرقة إلى آخر الإعتلالات النفسية، كلها نتائج سريعة، وكل نتيجة لا بد لها مقدمات وأسباب ودوافع..
لكل ذلك تأتي وتتأكد أهمية المصالحة مع النفس والتعرف عليها معرفة صحيحة، لكي يعيش الإنسان حياة سوية في إطار من الصحة النفسية، لأن الاشخاص الاصحاء نفسيا يكونون على وعى بالسلوك وردود الأفعال وأسبابها ودوافعها، أى أن السلامه النفسيه تنطوى على وعى الانسان واستبصاره لدوافعه، ورغباته وأفكاره وأهدافه وقدراته ومدى تطابقها مع طموحاته..
مهم أن يكون الإنسان في حالة تصالح مع النفس كي يرضى بما قسم الله له، هذا التصالح وذاك الرضا يجعلانه لله أقرب، ومع حُسن الظن بالله تطمئن النفوس وتزدان السريرة مع الهدوء النفسي، ورقيها وصفائها في علاقتها وتعاملها مع الآخرين. دمتم سالمين
قديما قالوا:- رحم الله امرأً عرف قدر نفسه..
- روعة الإنسان ليست فيما يملك بل بما يمنح..
- الصادقون مع انفسهم وربهم لا يعرفون التصنع..
وقالوا ايضا - واجه نفسك قبل أن تواجه الآخرين..
nasser_khalefa2020@yahoo.com