"الدنيا لا تمطر ذهبا ولا فضة" وإنما على الإنسان مواصلة الجهد والتعب والمشاق من أجل أن يصل إلى مبتغاه ةإذا تحدى وبذل الجهود فإنه لن يستطيع أن يوقفه شئ وسيكون قادر على تحقيق ما يتمنى، وقديمًا قالوا " من طلب العلا سهر الليالي" ولكن هل الجهود وحدها تمكن الشخص من تحقيق مبتغاه أم أن هناك أمور أخرى تساعده وتكون حافز له لمواصلة النجاح؟
يعتبر التحدي والتخطيط السليم إلى جانب بذل الجهد أهم الشروط للوصول للهدف، وهذا ليس بكلام فارغ وإنما أثبتته النماذج الناجحه من رجال أعمال فى مختلف بلدان العالم بدأوا من الصفر وأصبحوا من أغنى رجال الأعمال فى بلادهم وبعضهم على مستوى الإقليم أو على مستوى العالم أجمع، وجميع هذه النماذج توفر بها التحدي والتخطيط السليم مواصلة الجهد والتعب دون اليأس حتى وإن فشلت المحاولات الأولى لبعضهم.
ونذكر فى النقاط التالية بعض النماذج الناجحه لرجال الأعمال الذي أستطعوا أن يحولوا حياة الفقر وضيق العيش إلى الرفاهية وكسب الرزق و"اللعب بالفلوس" وفقًا للتعبير المصري الدارج، ونقسم فى هذه القصص إلى نماذج على مستوى مصر وأخرى عالمية.
ونبدأ فى البداية بقصص نجاح رجال أعمال مصريين والبداية مع رجل الأعمال المشهورعالميًا محمد الفايد، وتحول من عتال يحمل الحقائب بميناء الإسكندرية إلى واحد من أشهر رجال الأعمال فى مصر ولندن، والفايد من عائلة فقيرة عمل بعدد من المهن البسيطة إلى أن أنتقل للإمارات للعمل هناك وبدأ مستوى دخله يرتفع خطوة خطوة حتى أصبح اول من وضع أرصفة ميناء دبي مما جعل فيها حياة وزاد من ثقة االشيخ راشد به وطالبه بإقناع المستثمرين بأن يستثمروا فى الإمارات فى مجال البترول، وبذل الفايد جهود فى إنجاح هذا حتى تمكن من الحصول على 20% من أرباح البترول، وساهم فى العديد من المشروعات العملاقه فى الإمارات قبل ان ينتقل إلى لندن ويذيع صيته ويتمكن من مضافعة أرباحه ثلاثة أضعاف، يشتي بعدها نادي فولهام الإنجليزي مقابل 6.25 مليون جنية استرليني.
والنموذج الثاني محمود العربي، صاحب شركة "توشيبا العربي" التى تعتبر من أشهر شركات الأجهزة الكهربائية فى الشرق الأوسط، بدأ حياته العملية وهو فى سن العاشرة بعد أن توفى والده وأضطر إلى العمل فى محل لبيع الأدوات المكتبيه، ثم بعد ذلك بدأ فى عمل محل صغير للأحبار والألوان، وطباعة الكتب المدرسية ولكن بعد أن حولتها الدولة بالمجان، فترك المجال وأنتقل إلى العمل فى الأجهزة الكهربائية، سافر بعدها العربي إلى اليابان ليقنعهم بإنشاء مصنع للأجهزة الكهربائية فى مصر، لتخرج شركة"توشيبا العربي" بعد ذلك إلى النور.
والقصة الثالثة لنموذج ذاق من مرارة الفقر والغربة الكثير وتحمل ما لم يتحمله إلا أصحاب النفس الطويل الذي يسعون إلى تحقيق أهدافهم بثقة كاملة فى الوصول، وهو رجال الأعمال عنان الجلالي، الذي لم يكمل دراسته لفشله فى التعلم، مما دفعه إلى التفكير بالسفر إلى الخارج، فسافر إلى النمسا والدنمارك، ولكن يكن يملك المال وكان ينام بصناديق التيفونات ويأكل من القمامة لضيق العيش، وكلنه أستغل هذه الظروف ليتعلم اللغة الألمانية قبل سفره من النمسا، عمل بأحد الفنادق فى الدنمارك وتعلم أثناء ذلك إدارة الفنادق فقرر أن يترك عمله ويقوم بتأسيس شركة هلنان لإدارة الفناق عام 1982، وسهامت هذه الشركة فى التنمية السياحية فى مصر، وبالرغم من أنه لم يكمل تعليمه إلا أنه حصل على خمس دكتوراه فخرية على مستوى العالم وحصل على لفب سفير العلاقات الخارجية بالشرق الأوسط من الدنمارك.
لم تقتصر قصص النجاح والتحدي على مصر فقط فى التحول من الفقر الشديد إلى الغنى الشديد، فكان لرجل الأعمال الصيني "جاك ما" نصيب منها، فبالرغم من الفشل الذي كان يلاحقه طوال حياته كان أولها مع الفشل مرتين فى إمتحانات القبول بالكلية المحلية، ولكنه لم ييأس فتمكن من الحصول على شهادة وتعم اللعة الإنجليزية، وشاهد فى الولايات المتحدة شبكة الإنترنت لأول مرة عام 1995 وأدرك أن هناك محتوى صيني في الشبكة فأنشأ أول شركة ناشئة صينيه أو ما يسمى بموقع " الصفحات الصينية"، لإادركه الفشل مرة أخرى إلا أنه لم ييأس أيضًا وأستكمل هدفه حيث أنشأ فى عام 1999 Alibaba ليصبح بعدها جاك ما أغنى رجل أعمال فى الصين.
وقصة رجل الأعمال هوارد شولتز من القصص الملهمة التى تؤكد على إصرار صاحبها، وعلى رجاحة عقله وتولى المبادره والمجازفه دون خوف من الفشل، فقد بدأ شولتز كبائع لدى زيروكس بعد تخرجه، ثم مسئول عن قسم المبيعات فى الولايات المتحدة فى شركة هامر بلاست لتقطير وصناعة القهوة وخلال رحلة عمل له بإيطاليا لمقابلة عميل هناك بمحل ناشئ يدعى" ستاربكس" جاءت فكرة لشولتز لما لا يكون مثل هذه المقهي فى أمريكا مثل الموجوده فى إيطاليا وما إن وصل إلى بلاده حتى بدأ تنفيذ المشروع مع صاحب مقهى ستاربكس الذي عمل لديه كمدير مبيعات، ولكن لوجود خلافات بينهما فقد ترك العمل وأفتتح محله الخاص "جورنال" برأس مال 400 ألف دولار، وبعد عامين فقط نجح فى شراء ستاربكس بمبلغ 3.8 مليون دولار، وحول اسم شركته من جورنال إلى شركة ستاربكس وأصبح مدير تنفيذي لها، والتي تقدر الآن بقيمة 6 مليار و352 مليون دولار ولها العديد من الفروع تصل إلى 13425 مقهى فى عدد من الدول.
النماذج التى تم ذكرها سابقًا هناك المئات من القصص المشهورة غيرها لرجال أعمال أخرين وربما الالاف من القصص التى نعرفها، وبإمكان كل شخص أن يصبح مثلهم إذا ما توفر له الدافع والإصرار والعزيمة والهدف، فجميع القصص بدأت بهدف سعى له رجل الأعمال وسار فى طريق تحقيقه خطوة خطوة للأمام حتى تمكن فى النهارية من الوصول لمبتغاه، لذلك فإنك إذا أردت ان تصبح رجل أعمال ناجح فعليك التحلي بصفاتهم في البداية وأن يكون لديك الإصرار والعزيمة التى لا تؤثر عليها شئ، بالإضافة إلى الذكاء والفطنة والعلاقات الجيدة من البشر لأن أي أمر تجاري يعتمد فى أساسه على التسويق والترويج اللذان يتطلبا أن يكون الشخص يتمتع بكاريزما لها القبول.
أول الخطوات والشروط هي المهارات التى يمتلكها أي صاحب عمل والتي ذكرنا بعضها سابقًا من إصرار وعزيمة وقوة شخصية وكاريزما مقبوله كما يجب أن يكون مدرك لما يحدث حوله ويخطط بجد وبالورقة والقلم لكل خطوة يخطوها ويحسب عقبات كل خطوة ويضع سيناريوهات المكسب والخسارة وما الذي يتوجب عليه فعله فى كل خطوة.
ثانيًا: إختيار نوعية المشروع والهدف المراد تحقيقه، فيجب أولا أن يحدد الشخص ما المشروع الذي يرغب فى البدء به وهل إمكانيته تتوافق مع هذا الإتجاه ام لا فالبعض يكون شخصيته مؤديه فى مجالات أخرى غير المجال الذي أختاره وعليه ان يوظف نفسه فى المجال الذي يتأقلم عليه، ففى النماذج المصرية قام رجل الأعمال محمود العربي بتغيير مجال عمله من الأدوات المكتبية إلى الأجهزة الكهربائية بعدما وجد أن استمراره فى المجال سيحمل عليه الخسارة.
ثالثًا: لابد لأي مشروع من عمل دراسة جدوى لحساب تكلفة المشروع وحجم الربح ومتى سيبدء المشروع في جني هذه الأرباح وطريقة الإنفاق والتعامل فى كل خطوة يمر بها المشروع، ويجب أن يكون هنا الشخص يتمتع بترشيد النفقات فى بداية المشروع خاصة من يبدءون من الصفر أو أصحاب رأس المال البسيط، ولابد من معرفة أن هناك أولويات يحتاجها العمل، أهم كثيرًا من الإنفاق على مكان العمل والديكورات والأمور الأخرى التى لن تكون ذات فائده كبيرة.
رابعًا: التسويق للمنتج والترويج لمشروعه فلابد أن يعمل الشخص على تسويق منتجه بشكل صحيح وينشره على نطاق واسع ولا غضاضه فى ذلك أن يلجأ لكل من يعرفه للمساعدة فى هذا الشأن، فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص بدأ مشروع صغير او متناهي الصغر ويعتمد فى بيع المنتج على قاعدة قليلة من الناس تقتصر على من يعرفهم، فعليه أن يطلب منهم أن يسوقوا لمنتجه مع أقاربهم وأصدقائهم وكل من يعرفونه وكلما إقتنع مشتري بمنتجه زاد عدد المشترين للمنتج أضعاف مضاعفه، إلى جانب البحث عن أساليب التشويق المجانية مثل الإعتماد على وسائل التواصل الإجتماعي وغيرها.
خامسًا: الإبتكار والتميز فحاول أن تجدد من منتجك وتبتكر به أمور تجعله المفضل لكل من يراه، وهذه المور تأتي من خلال القراءة الكثيرة والإطلاع على المستجدات فى المجال والتعرف على أراء الخبراء فى المجال الذي تم تنفيذ المشروع للخروج بمنتج محبب للجميع.
ويعتبر من أكثر نماذج المشروعات التى قد يبدأ بها الشخص دون الحاجة إلى رأس مال كبير هي الحرف مثل الخياطة والعطور وعمل التحف والتماثيل والبراويز، والمشغولات اليديوية والاكسسوارات، وتهتم الدول بهذه المجالات إهتمام كبير من أجل فتح مجالات العمل حر أمام شبابها وتشجيع للمنتجات المحلية التى تزود من صادرات البلاد.
وتنظم الدول العربية ومصر تحديدًا ورش عمل لتعليم وتدريب الشباب مثل هذه الحرف والصناعات البسيطة مجانًا، لخلق فرص عمل لشبابها ولمواجهة التضخم وللتصدي للبطالة التى زادت معدلاتها فى الدول العربية فى السنوات الأخيرة، كما يتم خلال هذه الورش التدريبية تعريف الشباب بكيفية انشاء مشروع خاص بهم وطرق التسويق، ويأتي ذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني التى يهتم بعضها بمثل هذه المجالات خاصة لتعليم النساء المعيلات بعض المشغولات اليديوية والحرف التى للنساء لها بها باع طويل مثل الخياطة وعمل الاكسسوارات وغيرها، والتى توليها المنظمات إهتمام كبير.
وفى مصر، تقوم وزارة التضامن الإجتماعي كل فترة بعمل مثل هذه الورش التدريبية، إلى جانب إعلان وزارة التنمية المحلية منذ أيام عن عمل ورش تدريبية للشباب من سن 18 وحتى 25 عام، بالمراكز التابعة للوزارة فى حرف النجارة والسجاد والكليم والملابس الجاهزة والحدادة واللحام والميكانيكا والكهرباء والدهانات ومنتجات خان الخليلي والطباعة والأشغال المعدنية والمنتجات الجلدية وغيرها من الأنشطة الحرفية وفقا لاحتياجات كل محافظة.
ومن الطرق الأخرى التى يتمكن منها الشخص من معرفة تصنيع منتج من المنتجات البسيطة واليدوية، ما عليه سوى الدخول على الإنترنت وعلى اليوتيوب تحديدًا ليجد مئات الفيديوهات التى ترشده وتعلمه، فيوجد فنيون يعلمون الناس كيف يقوموا بالخياطة وقراءاة الباترون وفيديوهات أخرى تعلم الكورشية والمشغولات اليدوية وأخرى لصناعة العطور والأنتيكات وغيرها من أفكار المشروعات التى تعطي للشخص قاعدة معلوماتية مهمة وتعلم المتدربين الجدد فى المجال، منذ الخطوات الولى وحتى يصبح صاحب مشروع.