مصر والآثار المحتملة لتغير المناخ


إن مصر إحدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس منذ أبريل 2017 ومع ذلك هي غير نشطة على الساحة السياسية فيما يتعلق بتغير المناخ، ولكن لا يزال هناك العديد من الأسئلة حول ما تخطط الحكومة المصرية القيام به من أجل التكيف مع بعض العواقب الحتمية لتغير المناخ، والتي بدأت البلاد بالفعل تمر بها


  نسبة مساهمة مصر من انبعاثات غازات الدفيئة



لا تساهم مصر إلا بنحو 0.6 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية (أكبر المساهمين هي الولايات المتحدة بنسبة 14.8 في المائة والصين بنسبة 25.9 في المائة). بالمقارنة مع بعض الدول المتقدمة ذات الأحجام السكانية المماثلة، تساهم مصر في انبعاثات غازات الدفيئة التي تقل خمس مرات عن اليابان وثلاثة أضعاف من ألمانيا، حتى إذا أخذنا بعين الاعتبار انبعاثات الفرد، فإن مصر تحتل مرتبة منخفضة للغاية في القائمة الشاملة لدول العالم، في حين أن أسوأ الدول التي ينبعث منها الغازات تشمل العديد من دول الخليج التي تعد في أعلى 10 بلدان، متجاوزةً حتى الولايات المتحدة. والأهم من ذلك، إنه بين عامي 1990 و2012،  نما الناتج المحلي الإجمالي لمصر بمعدل أسرع من انبعاثات غازات الدفيئة، مما قد يشير إلى أن الاقتصاد المصري أصبح أقل اعتمادا على الوقود الأحفوري، أو أنه قد حقق كفاءة أعلى في استخدام الطاقة مع مرور الوقت، كذلك مساحة مصر الصغيرة نسبيًا وحجم سكانها (مقارنة بالولايات المتحدة أو الصين، على سبيل المثال)، بالإضافة إلى كونها دولة نامية أقل صناعية، حافظت على مساهمتها العالمية منخفضة للغاية حتى الآن.


الآثار الحتمية لتغير المناخ

في حين أن هذا يعني أن المصريين ربما يتحملون ذنبًا أقل في إحداث التغيير المناخي، إلا أن مصر تعد من بين تلك البلدان التى على الرغم من الإسهام الضئيل في هذه المشكلة، هي الأكثر عرضة لتبعاتها الوشيكة، حتى في ظل أفضل السيناريوهات التي تنبأ بها علم المناخ (والتي ترتفع فيها درجات الحرارة العالمية بنحو 1.5 درجة فقط بحلول نهاية هذا القرن)، تواجه مصر ارتفاعًا في مستوى سطح البحر بحوالي 1 - 1.25 متر، وهو ما سيغرق معظم الإسكندرية وبورسعيد وأجزاء من دلتا النيل الأقرب إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تشريد الملايين من الناس، ويسبب فقدان مئات الآلاف من الوظائف، ويؤدي إلى خسائر فادحة في قطاع السياحة هذا بالإضافة إلى زيادة الجفاف ونقص المياه وتملح النيل والمياه الجوفية في الدلتا، والتي بدأ أثرها بالفعل على المزارعين المصريين اليوم وهذا بدوره سيؤدي إلى خسائر في غلة المحاصيل ومشاكل هائلة في الأمن الغذائي. إجمالي الخسائر الاقتصادية المقدرة لمصر من ارتفاع 1.25 متر في مستوى سطح البحر أعلى من 4 مليارات دولار،  لا يأخذ هذا التقدير في الاعتبار التأثيرات على السياحة في البحر الأحمر، والتي يصعب التنبؤ بها ومحاكاتها مثل ارتفاع حالات الإصابة بأمراض الشعاب المرجانية وتبييض المرجان على مدى السنوات الخمسين المقبلة بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه يمكن أن يهلك الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، مما يجعلها لم تعد جذابة للسائحين، مما قد يؤدي إلى المزيد من خسارة ملايين الدولارات من الإيرادات السنوية والآلاف من الوظائف.


خطة مصر لمواجهة تغير المناخ والتكيف معه

قبل اتفاقية باريس لعام 2016، قدمت مصر مساهمتها المحددة وطنيًا (INDC)

، والتي تعد بيانًا لأهداف وخطط البلاد للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، ويوضح البيان بعبارات عامة خطط الحكومة المصرية لكل قطاع متأثر، بما في ذلك الزراعة والمياه والمناطق الساحلية والسياحة والصحة والتراث الوطني. على سبيل المثال، في إطار استراتيجيات التكيف لإدارة الموارد المائية في مواجهة النقص الوشيك، يسرد البيان إجراءات مثل "الحفاظ على مستوى المياه في بحيرة ناصر"، "زيادة سعة تخزين المياه"، "تحسين أنظمة الري والصرف"، "تحلية المياه" و"حصاد مياه الأمطار" وغيرها.

بالنسبة للمناطق الساحلية، يشير البيان إلى أن الإجراءات التكيفية ستكون "معتمدة بدرجة كبيرة على الموقع" وأنه سيكون هناك "تخطيط استباقي لحماية المناطق الساحلية"، والذي سيشمل توفير فرص عمل في "المناطق الآمنة" للسكان النازحين، كذلك تعاون مصر متمثلة في وزارة البيئة ومرفق البيئة العالمية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للحد من انبعاثات غازات الصوبات، ومن استهلاك الطاقة في مجال النقل وذلكعن طريق إطلاق مشروع "النقل المستدام لمصر" الذي قام ببناء طريقين للمركبات غير الآلية بطول 14 كيلومتر في الفيوم، كما يشجع الأشخاص الذين يرغبون في شراء الدراجات من خلال تقديم قروض بدون فائدة.


كما تشمل السياسات المذكورة في البيان الجهود المبذولة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة من جميع القطاعات، والتعاون مع الدول الأوروبية لنقل التقنيات لزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وزيادة الوعي العام، ودعم التنمية المستدامة وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة تدريجياً، ويعد إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية المخطط لها بالتعاون مع روسيا (على الرغم من عدم ذكرها على وجه التحديد في المؤتمر الوطني العراقي) من بين هذه المشاريع التي تهدف إلى المساعدة في انتقال مصر من الوقود الأحفوري.

وفقًا لـ
 INDC
تشير التقديرات إلى أن استراتيجيات التخفيف والتكيف ستكلف مصر حوالي 73 مليار دولار بين عامي 2020 و2030. ومع ذلك، ليس من الواضح كيف تم إجراء هذا التقدير.

بصرف النظر عن التصديق على اتفاقية باريس ووضع أهدافها، تلعب مصر أيضًا دورًا نشطًا وقياديًا على الساحة السياسية الإقليمية فيما يتعلق بتغير المناخ والبيئة


  • Share

    • 1411
    • 4,220