الآميش طائفة دينية فرت من اوروبا صوب الولايات المتحدة الامريكية وبالتحديد إلي ولاية "بنسلفانيا" في اوائل القرن ال 18 عشر، وكان ذلك بدعوة من "وليام بن" المالك والمسئول الإداري عن "بنسلفاينا" في ذلك الوقت والذي وعدهم بمنحهم الحرية الدينية، ومنحهم أراضي زراعية شاسعة، وقد فروا من اوروبا وخاصة من ألمانيا بعدما حكم عليهم بالإعدام مما دفعهم للفرار هرباً من الاضطهاد الديني.
يعيشون في محمياتهم الخاصة في عزلة تامة وانفصال حرفي عن العالم الخارجي، يحرمون الخمر والمعازف والاغاني ولا توجد علاقات جنسية خارج نطاق الزواج، نساؤهم يرتدين ملابس فضفاضة محتشمة ويغطين رؤسهن، رجالهم يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات والنساء دورها في المنزل لتربية الابناء والقيام بالاعمال المنزلية وهذا لا يقلل من شانها في نظرهم، يرفضون الكهرباء والتلفاز والسيارة ويحرمون التصوير ورسم الانسان فحتي عندما استخرجت لهم هوية كانت بدون صورة شخصية، لا يستخدمون النقود الورقية ويحرمون التأمين الصحي فهم يؤمنون بالقضاء والقدر، كونوا مجتمعاً متماسكاً يقوم علي التكافل فإذا اصاب احدهم مصيبة يجتمعون كلهم لمساعدته.
فالحداثة بكافة مظاهرها وفقا لمعتقدهم هي ضد الطبيعة التي خلقها الله وتصنع الفوارق بين البشرالذين خلقم الله متساوين.
نشأت هذه الطائفة في القرون الوسطي في فترة "الإصلاح في أوروبا" علي إثر انشقاق الطائفة عن الكنيسة علي يد الراهب "آمان جاكوب" وكلمة الآميش مشتقة من اسمه، كان" آمان جاكوب" وطائفة الآمش تتبع الكنيسة المنيونية وهذه بدورها نشات كجزء من حركة تجديدية العماد أو (الأنابابتست) وهي حركة مسيحية إصلاحية، ظهرت في أوروبا في القرن السادس عشر على شكل جماعات متفرقة في ألمانيا وهولندا وسويسرا في فترة متزامنة مع بداية الإصلاح البروتستانتي، دعت هذه الحركة لعدم تعميد الأطفال لأنهم عاجزين عن الالتزام الديني أو على الإيمان بحرية، وطالبت بنفس الوقت بتجديد معمودية البالغين سن الرشد، أي تعميدهم مرة أخرى في حال كانوا معمدين في طفولتهم. حركة تجديدية العماد أدت الي ظهور ثلاث حركات فرعية: الأميش والمينونايت والإخوة، على الرغم من أن هذه المجموعات الروحية لها أوجه تشابه ، إلا أن الأميش هم الأكثر تحفظًا فنري "جاكوب" يري الطوائف الأخري بدأوا في تحريف ما جاء في الإنجيل وابتعدوا عن العقيدة المسيحية الخالصة وذلك باتباعهم نمط الحياة الحديثة وكانت دعوته قائمة علي أن أفضل حل للخلاص والتقرب إلي الله هو المحافظة علي الحياة التقليدية والتخلي عن العالم،ورفض أي كل وسائل الراحة الحديثة كهرباء، سيارات ....الخ
حركة تجديدة العماد والحركات الفرعية التي خرجت من عباءتها رفضت سلطة الكنيسة أو الاعتراف بالبابا، فقوبلت هذه الحركة بالتكفير من قبل الطوائف الأخري مثل الكاثوليك والبروتستانت ، وبالفعل أعدم الكثير منهم في سويسرا وفرنسا وألمانيا، وقضي علي حركتهم هذه في اوروبا ففروا الي العالم الجديد في الولايات المتحدة الامريكية ومنذ ذلك الوقت توقف التاريخ لديهم و لم يتغير نمط حياتهم، فيعيشون كما كان يعيش أسلافهم قبل 350 عامًا.
أول موطن لهم بعد وصولهم إلي الولايات المتحدة الامريكية كان ولاية "بنسلفانيا"، يعد مجتمع الأميش في لانكستر بولاية بنسلفانيا هو أقدم وأكبر مجتمع من طائفة الأميش في البلاد، كما استقروا في "أوهايو" والتي تضم أكبر عدد من الآميش-حالياً- تليها "بنسلفانيا" و"إنديانا" كذلك يتواجدون في الولايات الاخري مثل ولاية "أيوا"، بشكل عام هم يتركزون في المناطق الزراعية البعيدة عن الحضر.
الآميش هي واحدة من أسرع المجموعات السكانية نمواً في الولايات المتحدة الامريكية وفقًا لأحدث الدراسات في كلية إليزابيث تاون في لانكستر بولاية بنسلفانيا، ارتفع عدد سكان الآميش من حوالي 5000 في عام 1920 إلى حوالي 300000 في وقتنا الحاضر، وكان هذا النمو والتزايد السكاني ملحوظاً في العقود الثلاثة الماضية، وفقاً للدراسة كان تعداد سكان الآميش نحو 84000 في عام 1984، مما يعني أن عدد السكان قد تضاعف ثلاث مرات خلال هذه الفترة الاخيرة . إن الانفجار السكاني ناتج عن الإيمان بالعائلات الكبيرة التي تعتبر نعمة من الله. كما يشجعون الانجاب لأنهم يحتاجون عدداً كبيراً من الأطفال للعمل مع ذويهم في الزراعة.
توجد في الواقع ثلاث عائلات ، أو المجموعات المرتبطة بتجديد العماد ، في مقاطعة لانكستر: الأميش والمينونايت والإخوه تشترك المجموعات الثلاث في اعتقاد المعمودية الذي يدعو إلى اتخاذ خيار واعٍ لقبول الله. (وفقًا لذلك ، يتم تعميد البالغين فقط). تشترك المجموعات الثلاث أيضًا في نفس القيم الأساسية المتعلقة بسلطة الكتاب المقدس الشاملة ، وفلسفة الأخوة والمساواة وعدم المقاومة وأهمية الأسرة والمجتمع.
الآمش لا يخضعون للقوانين ولا الدستور الأمريكي فهم لا يعترفون بأي دستور آخر سوي تعاليم الكتاب المقدس ولهم دستورهم الخاص غير المكتوب والقائم علي مجموعة العادات والتقاليد ويسمي "أوردننج" وهذا الذي يحدد لهم كل تفاصيل حياتهم من مأكل وملبس ومعيشة وزواج وتعامل ...الخ وجدير بالذكر أن هذا الدستور شفوي وغير مكتوب كما أن لهم مجلس خاص يحكم المجتمع المحلي ويسمي "مجلس الأعيان"، يستشيرونه في كل شئ يخص حياتهم، فهم لا يلجأون للمحاكمة والشرطة الأمريكية وكذلك لا يطبقون القانون الأمريكي. بل من الممنوع دخول الشرطة نفسها الي المستعمرات الخاصة بهم الا في حالات الضرورة.
قيم الآميش ومعتقداتهم تعلي من قيمة الأسرة والمجتمع علي حسب دور الفرد واهميته في الجماعة وتؤكد علي ضرورة تواضع الفرد والتزامه بالطاعة وسيره وفقا لقوانين الجماعة حتي يتحقق له النقاء الروحي
كا يعتقد الآميش أن انسجام المجتمع وسلامه الداخلي مهدد بالقيم العلمانية مثل الفردية والكبرياء، التي تسود العالم الحديث ، لذا فإن عقيدة الاميش تحد من التفاعل مع الغرباء وتعزل افرادها عن التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام. كما أنها تحظر العادات التي تغذي الفردانية والجشع، كما هو موضح من خلال نمط اللباس العادي وحظر الصور الشخصية والمجسمات ورسم الاشخاص، فالعربات لونها رمادي غامق حتى تتمكن من الاندماج في محيطها بدلاً من أن تبرز.
الأميش يقاومون التأثيرات الثقافية ، إلا أن البعض منهم على استعداد لتقديم بعض التنازلات مع العالم الحديث، والاستفادة من فوائدها مع الحفاظ على هوية الأميش. إنهم على استعداد لاستخدام بعض مظاهر التكنولوجيا الحديثة وفي اضيق الحدود للعيش والعمل والتواصل - طالما أنهم لا يزعزعون استقرار الأسرة والمجتمع.
يتبع الآميش في حياتهم مجموعة من القواعد والنظم وهي بمثابة دستور غير مكتوب ويتم استعمال كلمة (أوردنونج - Ordnung) وهي كلمة المانية تعني النظام وهي سارية على جميع أفراد المجتمع الآميشي.
القواعد تختلف من مجتمع إلى مجتمع، تمنع معظم مجموعات الأميش امتلاك السيارات واستغلال الكهرباء من خطوط المرافق العامة ، واستخدام الآلات الزراعية ذاتية الدفع ، وامتلاك جهاز تلفزيون ، وراديو ، وجهاز كمبيوتر ، وحضور المدارس الثانوية والكليات ، والانضمام إلى الجيش وكذلك يمنع الطلاق ويمنع الزواج من غير الاميشية ويكون الزواج في سن مبكر من 17 الي 21 ، والصور محظورة لأنها قد تزرع الغرور الشخصي، ينامون الساعة 8 مساء ويستيقظون 5 صباحاً، من يخالف عقيدتهم يتم طرده من الجماعة ولا يعود إلا إذا تاب، للآميش عادات وتقاليد أخري كثيرة في الزفاف وفي المناسبات الخاصة بهم قد يكون لها جزء آخر من هذه المقالة لنكمل فيه ما بدأناه عن الآميش.