في حوار مثمر مع صبي صغير جمعتني به الأقدار كان الصبي الصغير يحاول تكوين شكل ديناصور عن طريق استخدام مكعبات الليجو وبسؤاله فهمت أنه يحاول صنع ديناصور التيرانوسورس ريكس (تي ريكس) الشهير برأسه الكبيرة و يداه الصغيرتان وكأنه آلة صممت فقط للافتراس و الفتك بالمخلوقات الأخرى. في معرض كلامي مع الصبي تبين لي غزارة معلوماته بشأن الديناصورات و تحديدا الحقبة الزمنية التي عاشت فيها منذ ملايين السنين (حوالي من 65 - 70 مليون عام مضت). يكاد يكون هناك إجماع علمي بشأن الفترة التي عاشت فيها الديناصورات بأنواعها المختلفة وعلى الحقب الزمنية التي عاشت فيها والتي يصل تقديرها لعشرات الملايين من السنين ويتم تدريس تلك المعلومات على أنها حقائق علمية مؤكدة للأطفال والأكاديميين على حد سواء بالاضافة إلى بعض المعلومات الأخرى التي سنتناولها لاحقا. في معرض كلامي مع الصبي الصغير سألته إن كان قد عاش في حقبة الديناصورات ليعلم إن عاشت حقا منذ 60 مليون عام أم منذ ألف سنة ولكن الصبي الصغير كان واثقا في معلوماته أكثر مني.
في بداية المقال يجب أن أنوه أنني لا أؤيد ولا أنفي أي من المعلومات العلمية الواردة عن الديناصورات وغيرها من أنواع الكائنات التاريخية المنقرضة منذ العصور الغابرة ولكنني بصدد طرح بعض التساؤلات المبنية على بعض المشاهدات العلمية التي تم تجاهلها سهوا أو عمدا وهذا هو أساس التفكير العلمي بأي حال فقد وهبنا الله العقل للتساؤل و الاستنباط و الوصول للحقيقة التي تطمئن إليها قلوبنا بغض النظر عن ما يتم تلقينك إياه سواء كان في الجامعة أو المسجد أو حتى الكنيسة.
لم نشاهد الديناصورات تحيا في عصرنا الحالي ولكن على الرغم من هذا فقد تم العثور على العديد من الرسوم على جدران الكهوف في أنحاء مختلفة من العالم لمخلوقات شديدة الشبه بالديناصورات وتكاد تكون الرسوم متواترة في العديد من جدران الكهوف، انظر الصور اللاحقة:
تكررت أيضا رسوم الديناصورات في العصور الحديثة نسبيا، انظر لهذا الرسم العثماني:
وأيضا هذا الرسم من بوابة عشتار من عهد الملك (نبوخذ نصر):
حتى إذا كنا لم نر الديناصورات في عصرنا الحديث فلا يعني هذا إلقاء التهمة لعشرات أو مئات الملايين من السنين السابقة. تكررت مشاهدات الديناصورات أيضا في الرسوم الصينية القديمة ويرى البعض أن مخلوق التنين الأسطوري ما هو إلا تحوير لتكرار مشاهدات الديناصورات في العقل الجمعي القديم.
يتم استخدام النظائر المشعة التي تتميز بتحلل ذراتها غير المستقرة لذرات أخرى على مر السنين. في البداية كان استخدام عنصر الكربون-14 المشع لقياس أعمار المخلوقات القديمة ولكن الكربون-14 يمتلك فترة نصف عمر قليلة نسبيا حيث تبلغ حوالي من 5000 إلى 50000 عام. لذا كان من الواجب استخدام عناصر أخرى أبطأ في التحلل و أطول في فترة نصف العمر ولذلك تم استخدام البوتاسيوم-40 و اليورانيوم-238 و اليورانيوم-235. هذه العناصر يمكنها تحديد فترات زمنية تصل لعشرات الملايين من السنين على حد قول العلماء ولذلك يتم استخدامها في تحديد أعمار الديناصورات وغيرها من الكائنات المنقرضة. المشكلة الأكبر هي أن تلك العناصر تتراوح فترة منتصف العمر بالنسبة لها حول مليون عام تقريبا و أي قياس أكبر من هذا هو محض تخمين. مشكلة أخرى تعاني منها القياسات العلمية وهي التفاوت الكبير في طرق القياس، مثلا يمكنك استخدام البوتاسيوم-40 لقياس عينة ما ثم استخدام اليورانيوم فقد تجد معامل الخطأ قد يصل لعشرات الملايين من السنين. أيضا في إحدى التجارب قد تم استخدام البوتاسيوم-40 لتحديد عمر عينة من كائن بحري نفق لتوه فكانت النتيجة 3000 عام !. إقرأ في الرابط طرائف القياس باستخدام الكربون المشع حيث تم تقدير أعمار بعض الكائنات النافقة ل2000 عام في المستقبل !!.
مشكلة أخرى تواجه القياس الزمني باستخدام العناصر المشعة وهو تغير مستوى الاشعاع على مر العصور. لنفترض مثلا اصطدام نيزك ما بالأرض في أحد العصور القديمة فإن هذا النيزك سينتج عنه انفجارا نوويا ضخما وستتعرض الأرض لنسبة كبيرة من الاشعاع النووي الذي سيؤثر في جميع نتائج القياس الاشعاعي، أيضا العصر النووي وقيام الكثير من الدول باجراء التجارب النووية في القرن الماضي مما أدى لارتفاع مستويات الاشعاع بشكل ملحوظ في كوكب الأرض ككل وقل أخل هذا بجميع قياسات العناصر المشعة في كل مكان.
الخلاصة هي أن القياسات باستخدام العناصر المشعة عرضة للخطأ بشكل كبير ويتراوح معدل الخطأ فيها بعشرات الملايين من السنين وللأسف لن يمكننا أن نعلم الحقيقة لذا فقد ارتضى المجتمع العلمي تثبيت نتائج القياس في النطاق المتفق عليه بغض النظر عن أي شذوذ في النتائج الأخرى وتجاهلها تماما.
لا يتم قياس أعمار الحفريات عن طريق العظام ولكن يتم قياس عمر الصخور المحيطة بالحفرية وتكون الحجة هي أنه إذا تم إحاطة الحيوان النافق بالصخور البركانية فإن عمر هذا الكائن من عمر الصخور المحيطة به. تعال نتخيل أن بركانا انفجر بالقرب من ديناصور ولكن الديناصور المسكين لم يستطع النجاة بحياته من الحمم البركانية وتمت الاحاطة به من كل جانب ليتحول لحفرية جميلة في المتحف، هل يعني الوضع السابق أن عمر الصخور المتكونة هو عمر الديناصور نفسه؟ إذا فإن عمر البركان صفر في حال نفوق الديناصور أو في قول آخر فإن الحمم البركانية لم يكن لها وجود قبل وجود الديناصور نفسه ثم خلقت في نفس توقيت نفوق الديناصور ليبدأ تحللها الاشعاعي بعد ذلك. لا منطق هنا أليس كذلك؟ ماذا لو كان عمر الحمم البركانية نفسها مليون عام أو عشرات الملايين من السنين أو حتى مليار عام من عمر الأرض نفسها؟ لا تعليق.
جميع المجلات العلمية و المراجع تشير إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر وجود أي نسيج رخو من أي كائن فوق ال100,000 عام ولا يمكن أن يتواجد أي بروتين فوق المليون عام. تتعامل البكتيريا مع الكائنات النافقة بتحليل الأنسجة العضوية وتتكفل العوامل البيئية بالبقية الباقية فلا يتبقى لدينا سوى العظام و الأسنان والتي تكون فيما بعد الحفريات. إذا وفقا للنظرية السابقة فلا يمكن بأي حال من الأحوال العثور على بقايا أنسجة رخوة للديناصورات التي عاشت منذ 60-120 مليون عام مضت ولكن الحقيقة المذهلة هي أننا قد وجدنا بالفعل أنسجة رخوة للديناصورات !.
في عام 2006 استطاعت عالمة الحفريات ماري شوايتزر الحصول على حفرية مذهلة لديناصور التي ريكس الشهير عن طريق مشاهدة ما بدا وكأنه عظمة ناتئة من تكوين صخري أثناء قيامها بتناول الغداء في مطعم مقابل في كاليفورنيا - الولايات المتحدة. انظر الرابط.
أثناء قيام ماري بالتنقيب عن تلك الحفرية وجدت أنها لديناصور تي ريكس الشهير وحين قيامها و الفريق المصاحب بانتزاع عظمة الفخذ فقد تعرضت تلك العظمة للكسر ولشدة العجب فقد وجدت الباحثة بداخلها نسيج رخو. قامت الباحثة بفحص العينات تحت الميكروسكوب لتجد تكوينات لأوعية دموية، نخاع عظم، و كولاجين (أحد البروتينات البنائية). تعرض المجتمع العلمي حينها لصاعقة انتشرت بين العامة كذلك لتشكل صفعة لكل المسلمات العلمية و طرق القياس الزمنية المستخدمة ولكن العالمة التطورية الملحدة رفضت وبشدة نتائج بحثها الخاص وحاولت تبرير الأمر بأن العلماء قد لا يفهمون بالقدر الكافي طرق تكون الحفريات وتحلل الأنسجة !. هي توافق على نقض مبدأ تحلل الأنسجة الرخوة ولكنها ترفض نقض مبدأ القياس التاريخي لأعمار الديناصورات لأن النتيجة في هذه الحالة ستكون هدم كل النظريات التطورية التي تقول بتطور الكائنات الحية عبر عشرات الملايين السنين وسيضطر المجتمع العلمي حينها للتعامل مع حقيقة أن الأض قد لا تكون بذات القدم الذي يدعون إليه (4 مليارات من السنين).
لم يكن اكتشاف ماري شوارتز الوحيد فقد تلته عدة اكتشافات لعلماء أمريكيين في مواطن متفرقة و فريق علماء صيني آخر في عام 2013 حيث تم الكشف عن أنسجة رخوة في أضلاع حفريات الديناصورات وما زال المجتمع التطوري يحاول جاهدا ابراز صحة فرضياته عن أعمار الحفريات المفترضة وايجاد أو اختراع نظريات أخرى عن تحلل الأنسجة عوضا عن هدم نظريات القياس الزمني المبالغ به. انظر الرابط.
الصورة لفريق بحثي صيني أثناء قيامه بالتنقيب عن الديناصورات و التالية لنظرة ميكروسكوبية لأوعية دموية داخل ضلوع الديناصور:
تمكن أخيرا فريق من علماء جامعة (كنت) الانجليزية من فك شفرة الحامض النووي لأحد الديناصورات استنادا لبعض العينات التي تم العثور عليها و أيضا الاستعانة بالحمض النووي للسلاحف و الطيور للتمكن أخيرا من حل اللغز الذي حير البشرية. انظر الرابط.
أفاد العلماء بأن هدفهم ليس استنساخ ديناصور حي ولكن مجرد دراسة وتسليط الضوء على تلك المخلوقات المنقرضة. أهمية الكشف العلمي هو أنه قد جعل استنساخ ديناصور حي هو مجرد وقت ورفع من احتمالية استنساخ الديناصورات في المستقبل لتتحقق على أرض الواقع نبوءات سبيلبرج بافتتاح أول حديقة للديناصورات الحية.
وفي نهاية المقال نود أن نوضح أن جميع ما ورد في المقال هو عبارة عن تساؤلات بريئة وكما قلنا فليس الهدف منها إثبات أو دحض وجهات نظر أخرى على قدر تسليط الضوء للعقول الواعية لطرح الأسئلة التي حيرت البشر لعقود عديدة ونترك الحكم النهائي للقارئ.